الصحراء الآن:العيون *
طال الانتظار وبعدت المسافات في ملف ، يكتنفه غموض و جمود منقطع النظير ، خصوصا بعد انسداد أفق فرص الحل ، و استكمال كافة المراحل التي تطبع عادة ملفات التوظيف المباشر من جمع للوثائق ، على الرغم من أن الأطرالعليا الصحراوية ، شكلت الاستثناء في تلكم العملية ، حيث طلب منها الإدلاء بالوثائق قبل حصولها على قرارات التعيين و الالتحاق ، كل ذلك ، فتح الباب على مصراعيه ، لجملة من الأسئلة ، ظاهرها قلق جارف ، وباطنها إحساس بغبن ، يراد له أن لا ينتهي ، و لعل أبرز تلك الأسئلة ، ما يهم مصير أطر المجموعة الصحراوية للأطر العليا المعطلة بعيون الساقية الحمراء ، من حيث الإبقاء على جل أعضاء المجموعة ، في حالة من الانتظارو الترقب والذي يوشك ، أن يصل حد التشكيك في جدوائية حل الملف ، و لنا في ذلك الكثير من المؤشرات الدالة ، إن لم نقل التجارب السابقة بالإقليم .
لقد حرصت المجموعة الصحراوية للأطر العليا المعطلة بعيون الساقية الحمراء، طيلة فترات تسوية ملفها العادل ، على أن تجعل من ملفها ، نقطة انطلاق صريحة ، لبداية تحول جديد في مسار تدبير إدارة ترابية بالإقليم ، لا يختلف اثنان في كونها لم تحضا يوما بشروط الاحترام والمصداقية ، من لدن سكان الإقليم ، وذلك مند اليوم الأول ، ولعل رسالة اكديم ازيك المدوية ليست بالبعيدة . ذلكم أننا استبشرنا خيرا ، من جراء سياسة الباب المفتوح ، التي دشنها والي الإقليم ، لكن لم يكن ذلك ، إلا مقدمة لاحتواء أطر المجموعة ، بعبارات الملف منتهي ، بعد عشرة أيام ، مع نهاية شهر يونيو ، قرارات التوظيف جاهزة……وإلى ما هنالك من كلمات العسل ، التي نستحي من ذكرها ، لأنها ببساطة صادرة من أفواه رجال السلطة ، الذين ربما أثرت فيهم سنوات الضياع التي عاشوها بعيدا عن مناطق مسقط الرأس ، و تناسوا عن جهل أو قصد ، أن الانسان الصحراوي يقبل كل شيء إلا الخديعة والإهانة على حقوقه ، كل ذلك لم يبعث يوما على الاطمئنان ، وهو ما اتضحت معالمه ، حين قررت الحكومة المغربية عزل الأطر الصحراوية و فرض تمييز مفضوح ضدا على حقها الثابت في التوظيف المباشر، حيث أقدمت على استثناءها من المرسوم الوزاري الصادر في أبريل والقاضي بالتوظيف المباشر لأكثر من 4305 إطار عالي من أبناء الشمال ، في عملية غير مسبوقة ، و هو ما كشف بالملموس ، أن الحكومات المغربية المتعاقبة على إدارة الإقليم ، لا تمتلك الشرعية اللازمة ، على أبسط الملفات ، فكيف بشرعية متوهمة ملؤها الجدية والمصداقية الموعودة ، إن مثل هذا التصرف الأحادي الجانب ، يفصح عن حالة من التخبط ، لن تبقي في حالة استمراها على خيوط تماس حقيقية ، من شأنها الحفاظ على ما تبقى من تطمينات في الداخل ، فالأمر هنا ، يبعث على القلق ، ويوحي بإشارت دالة ، على نوايا غير سليمة في التعاطي مع ملف الأطر العليا الصحراوية المعطلة.
و كانت المجموعة الصحراوية للأطر العليا المعطلة بعيون الساقية الحمراء ، قد عبرت منتصف أبريل المنصرم في رسالة مفتوحة للوزير الأول عن امتعاض شديد ، من جراء حالة العزل المفضوح ، وما قد يفصح عنه من انحراف صريح ، يتجه نحو سن نظام تمييز جديد new apartheid ، لا ندري حدود أبعاده والمغزى من مأسسته حكوميا ، وإذا كان هذا الاستنتاج سابق لأوانه ، و قد يصفه البعض ، بالمبالغ فيه ، ما الذي يجعل إذن ، أطر المجموعة الصحراوية لا تحضى بالمعاملة بالمثل ، كما هو حال مجموعات الشمال ، ثم لماذا الأطر العليا الصحراوية بشكل خاص ، ألا يحق لنا ولكل القوى الحية الصحراوية المرابطة بالإقليم ، بعد كل هذا ، أن تصنع الرد المناسب ، ضدا على كل ما من شأنه أن يحكم عليها بالموت البطيء ، و قد لا نكون في هذه الحالة بصدد التلميح لصيغة التعامل الممكنة في المستقبل ، لكننا نبقي رهن تطلعاتنا الاستعداد لكل الاحتمالات ، فما تحاول الإدارة الترابية بالإقليم الوصول إليه ، فهمناه منذ الوهلة الأولى وبشكل خاص ، مند عملية طي معتصم المعطلين الصحراويين منتصف يونيو ، في عملية رخيصة دنيئة ، تفنن في صناعتها أطراف من المعطلين أنفسهم ، عن جهل و ربما عن قناعة بؤس و يأس فضيعة ، ومنهم من نال نصيبه من التواطئ ، هذه العملية التي أجهزت على الحق المشروع في التوظيف المباشر لعدد لا يستهان به من الأطر الصحراوية ، من حاملي الشواهد الجامعية والدبلومات التقنية ، في شكل قبول مهين ، يرقى إلى مستوى التفريط بإرث المكتسبات التي حققها الخريجين الجامعيين الصحراويين ، من جيل انتفاضة العيون الأولى 1999 وما قبلها مع جيل المنطقة الأول 1988 ، لتتلو ذلك عملية التفاف أخرى من خلال عملية الانتقاء " التمراس ولختيل " في أعضاء المجموعة ، و نعني بالأساس ما يهم أطر قطاع المالية ، نحن هنا لا نقصد اعتراضنا على حقهم في ولوج هذا القطاع الحيوي فهو لهم ويستحقونه ، على الأقل ما نعرف منهم ومن كان حاضرا في محطات الإحتجاج التي خاضتها المجموعة الصحراوية وإنما فقط من باب التذكير .
فبعدما التزمت أطر المجموعة ، بما تم الإتفاق عليه ، مع مسوؤل الإدارة الترابية بالإقليم ، من حيث القطاعات المذكورة ، ومن ثم الكشف عن قرارات التوظيف لكافة أطر المجموعة في تاريخ موحد ، وباحترام كامل ، لمقتضيات ميثاق الالتزام التي تم التأشير عليه من طرف أطر المجموعة ، تجد المجموعة نفسها اليوم ، في واقع التملص من المسوؤلية ، عبر زرع حبات أسبرين عبر الهاتف في كل جديد يهم الملف ، كان أولها ، في عدم الكشف عن لائحة توزيع الأطر على القطاعات المقترحة ، ليصل بعد ذلك إلى حرمان الإطارات الصحراويات من مناصب الغرف المهنية بالإقليم وتعويضهم بأطر من أبناء الشمال ، في تحدي سافر لأطر المجموعة الصحراوية ، وبذلك بات ما أتفق عليه ، في عداد النسيان و التجاهل التام وهو ما ينذر بنسف شامل لشروط نجاح العملية بالكامل .
إن هاجس المماطلة والتسويف ، يضعنا أمام تحدي كبير، من حيث حسابات المستقبل ، فالحكومة الحالية ، توشك مهمتها على الانتهاء ، وقد يكون في ذلك ، نية مبيتة للتملص من الملف ، والذهاب به إلى تاريخ غير معلوم ، عبر التحجج بملف الانتخابات ، والقانون المالي لسنة 2012 ، وإلى ما هناك من أسباب وحجج واهية ، اعتدنا سماعها و هي نفسها الحجج التي بواسطتها تم الإجهاز بها على حقوقنا السنة الماضية ، و نحن كذلك نعلم جيدا أنها لن تنتهي ، لدى مسوؤلي الإدارة الترابية بالإقليم ، جنبا إلى جنب مع مسوؤلي الدولة المغربية في المركز ، و إذا كان جانب من هذه الحجج ، سيحل قريبا ، فإن عنوان المرحلة القادمة على الأقل في الأيام والأشهر المتبقية من عمر الحكومة الحالية ، سيكون لا محال الانتخابات التشريعية ، التي يحلم البعض أنها ، ستصنع مغربا جديدا ، في جلباب قديم ، ، وإلى حين ذلك فالسؤال المطروح اليوم ما الذي جنته المجموعة الصحراوية للأطر العليا المعطلة من الحكومة الحالية وقانون ماليتها لهذه السنة ، ألم تصدر مرسوم وزاري بشان إدماج الأطر العليا وخصصت بموجبه 4305 منصب شغل ، وزعتها بين أبناءها الشرعيين ، بدون حضور الورثة الملحقين ، وإذ كنا لسنا من أبناء الأسرة ، ونحن لا نشك في ذلك ، لما لا يتم تخصيصنا بمرسوم خاص ، يفك الارتباط بحكومة الرباط ، أم أن المسألة عصية في زمننا الحالي وتنتظر ما ستسفر عنه الجولات غير المباشرة ، فسلوك أحادي الجانب بهذا الشكل ، يجيز لنا طرح سِؤال صريح ، يجد له أكثر من سبب ، ما الفائدة إذن من حكومات ، يقال أنها خرجت من داخل صناديق الاقتراع ، بل يتم الجهر في كثير من المناسبات و بشكل متواصل ، أن نسبها المطلقة سجلت بالإقليم الصحراوي ، مع ما يمثله ذلك من مسؤولية كاملة ، في حل مشاكل سكانه تماشيا مع ما تفرضه المواثيق الدولية ، ثم لماذا يتم إقحام الإقليم الصحراوي في انتخابات تشرعن التمييز المفضوح في حق أبناءه ، ألم يحن زمن القطيعة بعد ؟ .
إن الاستنتاج البسيط ، من هذه الأسطر السريعة ، يجعلنا نقر أن الدولة المغربية عازمة على تنويم ملف الأطر العليا الصحراوية والذهاب به إلى المجهول ، في سياق حسابات سياسية ضيقة ، أثبت الزمن فشلها وفشل مهندسيها باكديم إزيك ، ولما لا تصفيته بالمرة ، عبر سياسة التنويم الممزوجة بفنيات الديماغوجية المعهودة ، التي تحضر لها الدولة في الكواليس ، والتي بدت معالمها ، بارزة للعيان ، حيث تم الحكم على أكثر من 1200 إطار صحراوي ، بالموت البطيء ، في سمفونية التكوين وحلم الادماج بالمكتب الشريف للفوسفاط ، "حلم ولد أهميش " وبذلك تشأ الصدف ، أن نعيش على وقع نجاة جديدة ، على ايقاع ما عرف بملف النجاة ……… يتبع
بقلم المجموعة الصحراوية للأطر العليا المعطلة
عيون الساقية الحمراء